إن الكائنات المعدلة وراثيًا مازالت محل جدال حتى بعد إطلاقها وانتشارها تجاريًا. فمن خلال الهندسة الوراثية يتم تعديل بذور النباتات من أجل تحسين خصائصها المفيدة، حتى يتم التخلص من المواصفات السلبية أو حتى يتم دمج سمات من نباتات أخرى. ولهذا، أصبح الحصاد أكثر إنتاجًا وأصبحت النباتات أكثر مقاومة للآفات. ومن أشهر النباتات المعدلة وراثيًا هي نبات الصويا، والذرة، والقطن، ونبات الكانولا، والتي تزرع على الأكثر في الولايات المتحدة الأمريكية والبرازيل والأرجنين والهند. وعن طريق إفراز السموم الذاتي من النبات، مما حدّ من استخدام المبيدات الحشرية. ولكن السموم لا تبقي الآفات بعيدًا فحسب، بل إنها تقتل الحشرات النافعة أيضًا. هذا إلى جانب الحشائش التي تصير أكثر مقاومة مع استخدام الكائنات المعدلة وراثيًا ـ والتي في المقابل تؤدي إلى زيادة استخدام مبيد الجلايفوسات قاتل الحشائش والذي يشتبه بكونه السبب في تلف النوع الجيني بالإضافة إلى أنه مسرطن. وكذلك مشكلة الجوع العالمية، لا يمكن أن تُحَل باستخدام الكائنات المعدلة وراثيًا في الزراعة، فعلى الرغم من أن الزيادة الإنتاجية ممكنة من خلال المحاصيل المعدلة وراثيًا، ألا أن العقبات كثيرًا ما تظهر على الصعيد السياسي والاجتماعي. ومن هنا باتت الحاجة إلى منهج شامل لمكافحة النقص الغذائي في العديد من أرجاء العالم.
وقد ارتبطت بالفعل منظمات بيئية مثل Greenpeace في التصدي لاستخدام المحاصيل المعدلة وراثيًا لوقت طويل. وبحسب ما صرحت به Greenpeace أن المعلومات الحالية عن الكائنات المعدلة وراثيًا هي فقط معلومات سطحية وما خفي كان أعظم. لا يمكن لأحد في الوقت الراهن أن يقدّر حجم التأثيرات الناتجة تجاه الطبيعة والحيوانات على المدى الطويل، حيث يمكنها أن تؤدي إلى حدوث طفرات جينية ومن الممكن أن يكون لها آثار جسيمة على التنوع البيولوجي – وسيعتمد تنوع النباتات والحيوانات على رحمة بعض الشركات الكبيرة التي تنتج وتوزع المحاصيل المعدلة وراثيًا.
الاعتماد على الشركات الكبرى
هذا بالإضافة إلى أن استخدام الكائنات المعدلة وراثيًا يؤثر على استقلال القطاع الصغير للمزارعين خاصةً في دول العالم الفقيرة، حيث تحمل الرياح اللقاح والبذور المعدلة وراثيًا إلى الحقول المجاورة، مما يلوث المحاصيل العضوية في الحقول المجاورة. وبهذا يصبح الامتثال بمعايير الزراعة العضوية والحيوية معقدًا للغاية – سيفقد المزارعون القدرة على بيع محاصيلهم وبالتالي سيعجزون عن توفير الغذاء لأسرهم.
كذلك هناك تحدي آخر، وهو انتهاك براءات الاختراع. أصبحت شركات كبيرة في الأمم المتحدة الأمريكية وسويسرا وألمانيا تمتلك براءات اختراع لبذور معدلة وراثيًا. ولكن بسبب التلوث العرضي، سيتم اتهام المزراعين بانتهاك براءات الاختراع مما يعرضهم لغرامات ودعاوى قضائية بل وعواقب أكثر من ذلك. هذا إلى جانب أنه تقريبًا ليس من الممكن أن يتم زراعة الأراضي الملوثة ببذور تقليدية كما ذي قبل. وهذا يرجع إلى الشركات الغربية – فأصبح الموردون المحليون غير قادرين على مجاراة إنتاج المحاصيل المعدلة وراثيًا.
وإحدى هذه الشركات الكبيرة هي شركة مونسانتو الرائدة في إنتاج البذور. والشركة الآن عليها التمثل للاستجواب أمام المحكمة الدولية بلاهاي في شهر أكتوبر القادم. وقد أطلق الدعوى القضائية ضد مونسانتو مجموعة من الشخصيات العامة المعروفة مثل: فاندانا شيفا مؤسسة شركة نافدانيا (Navdanya)، وهانس رودولف هارين، الرئيس والمدير التنفيذي لمؤسسة ميلينيوم (Millenium institute). وتتهم المجموعة شركة مونسانتو بكونها السبب في وفاة آلاف البشر وبتدميرها للبيئة بشكل أساسي من خلال استخدام الكائنات المعدلة وراثيًا. ولمعرفة المزيد من المعلومات حول هذا الموضوع من خلال الموقع الاكتروني لمحاكمة مؤسسة مونسانتو.
الزراعة العضوية هي البديل
في مصر، نادرًا ما تُستخدم المحاصيل المعدلة وراثيًا. وعلى الرغم من أن مونسانتو قدمت 70 طنًا من بذور الذرة المعدلة وراثيًا في عام 2010، تم رفض الدفعة الثانية في عام 2012 من قِبل وزارة الزراعة. أما بالنسبة إلى مبادرة سيكم، لم يكن استخدام الكائنات المعدلة وراثيًا محل اختيار قط، وهذا يرجع إلى الآثار الناتجة على المدى الطويل كسبب رئيسي والتي لم تظهر بعد. ولهذا، تسير سيكم على خطى منهج شامل، يتضمن مجالات اجتماعية وثقافية؛ من أجل إدراك التنمية المستدامة وخلق قيمة محلية. إن مبادئ الزراعة العضوية والحيوية تقدم أساليب زراعية بديلة للزراعة التقليدية وللأساليب المستخدمة للكائنات المعدلة وراثيًا والتي هي أكثر تكلفةً على المدى البعيد. وهذا ينبثق من دراسة تم نشرها مؤخرًا، أجراها مركز البصمة الكربونية بالتعاون مع جامعة هليوبوليس للتنمية المستدامة. وتخلق الزراعة الحيوية تربة صالحة وصحية من الصعب إصابتها مما يجعل حاجتها منعدمة إلى النباتات المعدلة وراثيًا. ويظل الانتخاب الطبيعي وتحسين البذور الأمثل هو ما يمنح بيئة وموطنًا طبيعي وصحي يمكن فيه أن يتطور الإنسان مع النباتات والحيوانات، معًا في تناغم مع الطبيعة.
نيلز داون
اقرأ المزيد عن محاكمة مونسانتو الدولية بلاهاي
دراسة مقارنة بين التكلفة الحقيقية لإنتاج الأغذية التقليدية ونظيرتها العضوية
أساليب وتقنيات حيوية حديثة للمزارعين المتعاقدين مع سيكم في البحيرة